“لماذا يُنظر إلى برامج التخطيط التعاقب الوظيفي على أنها مضيعة للوقت؟” ذلك هو الانطباع المشترك لدى أكثر أعضاء الإدارة العليا في الشركات. سنشارككم بعض الأفكار حول الكيفية التي يمكنكم من خلالها إضفاء قيمة ملموسة لخطط التعاقب الوظيفي والتخلص من هذا الانطباع.
1. تغيير اسم العملية من “تخطيط التعاقب الوظيفي” إلى “تطوير الموظفين المرشحين للتعاقب”
لا تعمل “الخطط” على تطوير أي شخص – بل التطبيق العملي. رأينا وما نزال أن عديداً من الشركات تركز على تخطيط التعاقب الوظيفي، أي إعداد الخطط لذلك، أكثر من تركيزها على التطبيق الفعلي لتلك الخطط التي تشتمل على كثير من المهام والنماذج والمخططات والاجتماعات وقوائم المراجعة وغير ذلك، فيُنظر إليها غالباً وكأنها عملية تنتهي بإعدادها! غير أن تلك الخطط – في واقع الأمر – ليست إلا مقدمة لتطوير الموظفين المرشحين للتعاقب. مثال ذلك هو التخطيط لفقدان الوزن، فقد تكون لدى شخص يرغب بتخفيض وزنه خطة مفصّلة ودقيقة تحتوي على كل التفاصيل المتعلقة بالنظام الغذائي والتمارين الرياضية، فإن قام بالتطبيق ووصل إلى نصف الوزن المستهدف، سيكون ذلك رائعاً في نظر كثير من الناس وحتى في نظر الشخص نفسه؛ فالمهم هو تخفيض الوزن، وليس التخطيط لفقدان الوزن.
2. قياس النتائج وليس العملية
تكمن أهمية تغيير التركيز من التخطيط إلى التطبيق العملي في عدة أسباب. أولاً: الأولويات والنتائج التي يمكن قياسها: سيكون من الصعب نجاح برامج التعاقب الوظيفي إذا لم تكن ذات أولوية ولم تكن لها أهداف واضحة يمكن قياسها؛ ينبغي إدراك أن الإدارة العليا في كل الشركات لا تثني على وجود خطة رائعة، بل على تحقيق الأهداف المنشودة في تلك الخطة. ثانياً: التطبيق العملي يستوجب مشاركة أعضاء الإدارة العليا في تحديد أهداف خطة/برامج التعاقب الوظيفي، الأمر الذي يؤدي إلى توفير الدعم لتلك الخطط/البرامج. ثالثاً: ستساعد النتائج في توجيه الجهود المستقبلية وتجنب الاخطاء السابقة إن وُجدت.
يمكن تحديد المقاييس التالية لبرامج التعاقب الوظيفي: نسبة الوظائف الحساسة التي تم شغلها من قبل موظفين موجودين في الشركة بالمقارنة مع تلك التي تم شغلها من قبل أشخاص تم تعيينهم من خارج الشركة، ونسبة الموظفين المؤهلين للترقية الوظيفية كمُخرج من مجموعة المواهب في الشركة. وجدنا وما نزال نجد في كثير من الأحيان أن الشركات تقيس فقط نسبة إكمال خطط التعاقب الوظيفي، أي أنها تقيس وجود الخطط ولا تقيس تطبيقها.
3. اختيار معايير تقييم بسيطة
يستخدم كثيراً من الشركات معايير تقييم غاية معقدة في برامج التعاقب الوظيفي يصعب تفسيرها حتى من قبل علماء السلوك الإنساني، فكيف سيكون الحال مع المدير المباشر؟! ينبغي اختيار معايير تقييم بسيطة يمكن فهمها وتفسيرها بسهولة، وتأجيل استخدام المعايير الأكثر تعقيداً إلى المراحل المتقدمة من خطط/برامج التعاقب الوظيفي، على أن يتم اختيار تلك المعايير من قبل شخص خبير بالموضوع وبما يتناسب مع أهداف الشركة المنشودة.
4. الواقعية والعملية
سنضرب لك مثلاً على خطة/برنامج تعاقب وظيفي يفتقر إلى الواقعية:
يتمتع المدير المالي في إحدى الشركات بكل ما يؤهله ليكون الموظف الذي سيشغل منصب الرئيس التنفيذي عند شغوره، وقد انطبقت عليه كل معايير التقييم المستخدمة في خطط/برامج التعاقب الوظيفي؛ غير أن علاقته بالرئيس التنفيذي الحالي ليست على يرام، ولا يميل الرئيس التنفيذي أن يكون المدير المالي هو خلفه الوظيفي لسبب أو لآخر، وهذا يعني أن المدير المالي لن يحصل على الوظيفة أبدًا طالما هناك رأي آخر للرئيس التنفيذي في الأمر.
تذكر دائماً أن أغلب الموظفين يعتبرون خطط/برامج التعاقب الوظيفي بمثابة وعود في ذاتها رغم أنها ليست كذلك، وبالتالي فإنهم سيشعرون بالإحباط في حال عدم تحققها، أي في حال انعدام واقعيتها كما في المثال أعلاه. لذا، لا تضع وقتك ووقت أعضاء الإدارة العليا بخطط/برامج تعاقب وظيفي غير واقعية أو غير قابلة للتنفيذ لتجنب إهدار وقتك ووقت الشركة، ناهيك عن إحباطات الموظفين.